يصرخون إليه ليأذن لهم فى القتال، فنهاهم عنه، وأمرهم أن يردّوا إليهم نبلهم فردّوها إليهم، فلم يزدهم ذلك على القتال إلّا جرأة فى الأمر وإغراقا، ثم أحرقوا باب الدار.
فجاءه نفر من أصحابه وقالوا: إنّ فى المسجد ناسا يريدون أن يأخذوا أمر النّاس بالعدل، فاخرج إلى المسجد حتّى يأتوك، فانطلق، وقد كان نفر من قريش على عامّتهم السّلاح، فلبس درعه، وقال لأصحابه: لولا أنتم ما لبست درعا، فوثب عليه القوم، فكلّمهم الزبير، وأخذ عليهم الميثاق فى صحيفة، بعث بها إلى عثمان رضى الله عنه: إنّ عليكم عهد الله وميثاقه ألا تعرّوه بشىء، فكلّموه وتحرّجوا، فوضع السلاح فلم يكن إلّا وضعه حتى دخل عليه القوم يقدمهم ابن أبى بكر؛ حتى أخذوه بلحيته ودعوه باللّقب، فقال: أنا عبد الله وخليفته، فضربوه فى رأسه ثلاث ضربات، وطعنوه فى صدره ثلاث طعنات، وضربوه على مقدّم الجبين فوق الأنف ضربة أسرعت فى العظم، فسقطت عليه، وقد أثخنوه وبه حياة، وهم يريدون قطع رأسه ليذهبوا به، فأتتنى بنت شيبة بن ربيعة، فألقت بنفسها معى عليه، فوطئنا وطئا شديدا وعرّيبا من ثيابنا، وحرمة أمير المؤمنين أعظم، فقتلوه رحمه الله فى بيته، وعلى فراشه.
وقد أرسلت إليكم بثوبه، وعليه دمه، وإنّه والله لئن كان أثم من قتله لا يسلم من خذله، فانظروا أين أنتم من الله عزّ وجلّ، فإنّا نشتكى ما مسّنا إليه، ونستنفر وليّه، وصالح عباده. ورحمة