للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أسفل الطّومار. وأوصاه بما يقول، وأعاد رسول علىّ معه، فقدما المدينة فى شهر ربيع الأوّل، ودخل العبسىّ كما أمره معاوية، والناس تنظر إلى الطّومار، حتّى دفعه إلى علىّ، ففضّه، فلم يجد فيه كتابا فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: وأنا آمن؟ قال: نعم، إن الرّسل لا تقتل: قال تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود [١] . قال: ممّن؟

قال «من خيط رقبتك! وتركت ستّين ألف شيخ يبكى تحت قميص عثمان، وهو منصوب لهم، قد ألبسوه منبر دمشق!» قال: «أمنّى يطلبون دم عثمان؟ ألست موتورا بترة [٢] عثمان؟ اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دم عثمان! نجا- والله- قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله فإنه إذا أراد أمرا أصابه! اخرج.» قال وأنا آمن؟ قال: وأنت آمن. فخرج العبسىّ، فقالوا [٣] : «هذا الكلب رسول الكلب! اقتلوه!» فنادى: يا آل مضر. يا آل قيس، الخيل والنبل، وبالله أقسم ليردّنّها عليكم أربعة آلاف خصىّ! فانظروا كم الفحول والركاب؟» وتعاووا [٤] عليه، فمنعته مضر، وجعلوا يقولون له: «اسكت» فيقول: «لا والله، والله لا يفلح هؤلاء أبدا، أتاهم ما يوعدون، لقد حلّ بهم ما يحذرون، انتهت والله أعمالهم وذهبت ريحهم [٥] .


[١] القود: القصاص.
[٢] جاء عند ابن جرير وابن الأثير: كترة» والترة: الثأر والظلم فيه، والموتور:
المصاب بقتل حميمه ولم يدرك ثأره.
[٣] القائلون هم السبئية كما جاء عند ابن جرير وابن الأثير.
[٤] تعاووا (بالعين أو بالغين) أى: تجمعوا وتعاونوا.
[٥] فى القرآن الكريم: وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
والمراد بالريح الدولة والقوة.