للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسلام: «إنّك لتقاتله وأنت ظالم له» ؟! فقال: اللهم نعم ولقد كنت أنسيتها ولو ذكرت ما سرت مسيرى هذا، والله لا أقاتلك أبدا!.

وقيل: إنّه قال له: كيف أرجع وقد التقت حلقتا البطان [١] ؟

هذا والله العار الّذى لا يغسله الدهر! قال يا زبير ارجع بالعار خير من أن ترجع بالعار وبالنار.

فرجع الزّبير إلى عائشة فقال لها: يا أمّاه، ما شهدت موطنا إلّا ولى فيه رأى وبصيرة غير موطنى هذا! قالت: وما تريد أن تصنع قال: أدعهم وأذهب، ثم قال لابنه عبد الله: عليك بحربك [٢] وأما أنا فأرجع إلى بيتى. فقال له: ما يردّك؟ قال: ما لو علمته لكسرك [٣] . فقال له ابنه: بل رأيت عيون بنى هاشم تحت المغافر [٤] فراعتك، وعلمت أنّ سيوفهم حداد تحملها فتية أنجاد. فغضب الزّبير ثم قال: أمثلى يفزّع بهذا؟ وأحفظه ذلك، وقال: إنّى حلفت إلّا أقاتله. قال: فكفّر عن يمينك وقاتله، فأعتّق غلامه مكحولا، وقيل:

أعتق سرجس.

ففى ذلك يقول عبد الرحمن بن سليمان التميمى:

لم أر كاليوم أخا إخوان ... أعجب من مكفر الأيمان


[١] البطان: الحزام الذى يجعل تحت بطن البعير، وفيه حلقتان، فإذا التقتا فقد بلغ الشد غايته، قال صاحب لسان العرب: ومن أمثال العرب التى تضرب للامر إذا اشتد:
«التقت حلقتا البطان» . وفى مجمع الأمثال ج ٢ ص ١٣٥: «يضرب فى الحادثة إذا بلغت النهاية» .
[٢] فى النسخة (ك) : «بحربك» ، وفى النسخة (ن) : (بحزبك) .
[٣] صرفك عن مرادك.
[٤] المغافر جمع المغفر أو المغفرة، وهو ما يلبسه الدارع على رأسه فى الحرب من الزرد ونحوه.