للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه بعضم وذهب البعض، فنادى: «أيّها الناس، ما أقبح ما قاتلتم منذ اليوم! أخلصوا إلىّ مذحجا [١] » فأقبلت مذحج إليه، فقال لهم: «ما أرضيتم ربّكم، ولا نصحتم له فى عدوّكم، وكيف ذلك وأنتم أبناء الحرب [٢] ، وأصحاب الغارات، وفتيان الصياح، وفرسان الطّراد، وحتوف الأقران، ومذحج الطّعان الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم، ولا تطلّ دماوهم، وما تفعلون [٣] هذا اليوم فإنه مأثور عنكم بعده، فانصحوا واصدقوا عدوّكم اللقاء، فإن الله مع الصادقين، والذى نفسى بيده ما من هؤلاء- وأشار إلى أهل الشام- رجلّ على مثل جناح بعوضة من محمد [٤] ، اجلوا سواد وجهى يرجع فيه دمه، عليكم بهذا السواد الأعظم، فإن الله لو قد فضّه تبعه من بجانبيه!» . قالوا: تجدنا [٥] حيث أحببت. فقصد نحو عظمهم ممّا يلى الميمنة يزحف إليهم ويردّهم.

واستقبله شباب من همدان، وكانوا ثمانمائة مقاتل يومئذ، وكانوا صبروا فى الميمنة حتّى أصبب منهم ثمانون ومائة رجل، وقتل منهم أحد عشر رئيسا: كان أوّلهم ذؤيب بن [٦] شريح، ثم


[١] كان الأشتر ينتسب إلى مذحج، ويقول فى رجزه فى حرب صفين:
إنى أنا الأشتر معروف الشتر ... إنى أنا الأفعى العرافى الذكر
لست ربيعيا ولست من مضر ... لكننى من مذحج الشم الترر
[٢] جاء فى رواية ابن جرير: «الحروب» .
[٣] جاء فى رواية ابن جرير «تفعلوا» فتكون (ما) قبلها شرطية جازمة.
[٤] هكذا جاء فى المخطوطة كما فى تاريخ ابن جرير. وجاء فى الكامل لابن الأثير «من دين» وعند ابن أبى الحديد ج ١ ص ٤٨٧: «من دين الله» .
[٥] عند ابن أبى الحديد: «خذبنا» .
[٦] كذا جاء فى المخطوطة كالكامل، وعند الطبرى وابن أبى الحديد: «كريب» .