للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جثا [١] ، فكشف عنهم أهل الشام فأبصروا إخوانهم، فقالوا:

ما فعل أمير المؤمنين (قال: حىّ صالح فى الميسرة يقاتل الناس أمامه.

فقالوا: الحمد لله قد كنّا ظننّا أن قد هلك وهلكتم. ثم قال عبد الله بن بديل رحمه الله [لأصحابه] [٢] : استقدموا بنا. فقال له الأشتر:

«لا تفعل، واثبت مع الناس، فقاتل، فإنه خير لهم وأبقى لك ولأصحابك» ، فأبى، ومضى نحو معاوية وحوله كأمثال الجبال، وخرج عبد الله أمام أصحابه فقتل من دنا منه، حتّى قتل جماعة، ودنا من معاوية، فنهض إليه الناس من كل جانب، وأحيط به وبطائفة من أصحابه، فقاتل حتّى قتل، وقتل ناس من أصحابه، ورجعت طائفة منهم مجرحين، فبعث الأشتر الحارث بن جمهان الجعفىّ، فحمل على أهل الشام الذين يتبعون من انهزم من أصحاب عبد الله، حتّى نفّسوا عنهم، وانتهوا إلى الأشتر.

وحكى أبو عمر ابن عبد البر عن الشعبى فى قتل عبد الله: أنّه لما انتهى إلى معاوية أزاله وأزال أصحابه عن مواقفهم، وكان مع معاوية يومئذ عبد الله بن عامر، فأقبل أصحاب معاوية على عبد الله بن بديل يرجمونه بالحجارة حتّى أثخنوه، وقتل، فأقبل معاوية وعبد الله بن عامر معه، فألقى عليه ابن عامر عمامته غطّى بها وجهه، وترحّم عليه [٣] ، فقال معاوية: اكشفوا وجهه. فقال ابن عامر: والله لا تمثل [٤] به وفىّ روح! فقال معاوية: اكشفوا عن وجهه فقد وهبناه لك. ففعلوا،


[١] الجثا: جمع جثوة، بمعنى أتربة مجموعة.
[٢] الزيادة من ابن جرير الطبرى.
[٣] قال ابن أبى الحديد ج ١ ص ٤٨٦: «وكان له من قبل أخا وصديقا» .
[٤] فى الاستيعاب ج ٢ ص ٢٦٩: «بمثل» بالياء مبنيا للمجهول.