للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء الأحنف بن قيس فقال: «يا أمير المؤمنين، إنك قد رميت بحجر الأرض [١] ، وإنّى قد عجمت [٢] أبا موسى وحلبت أشطره [٣] ، فوجدته كليل الشفرة [٤] قريب القعر، وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يصير فى أكفّهم ويبعد عنهم حتى يصير بمنزلة النجم منهم، فإن أبيت أن تجعلنى حكما فاجعلنى ثانيا أو ثالثا، فإنه لن يعقد عقدة إلا حللتها، ولا يحلّ عقدة أعقدها إلا عقدت [لك] [٥] أخرى أحكم منها!» . فأبى الناس إلا أبا موسى والرضا بالكتاب، فقال الأحنف بن قيس: إن أبيتم إلا أبا موسى فأدفئوا ظهره بالرجال.

وحضر عمرو بن العاص عند علىّ لتكتب القضيّة بحضوره، فكتبوا «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين» فقال عمرو: [٧] هو أميركم أمّا أميرنا فلا. فقال له الأحنف:

لا تمح اسم أمير المؤمنين فإنى أتخوّف إن محوتها ألّا ترجع إليك أبدا، لا تمحها وإن قتل [الناس] [٨] بعضهم بعضا، فأبى ذلك علىّ


[١] جاء فى النهاية ولسان العرب: «فى حديث الأحنف: قال لعلى حين ندب معاوية عمرا للحكومة: لقد رميت بحجر الأرض، أى: بداهية عظيمة تثبت ثبوت الحجر فى الأرض»
[٢] عجمت: عرفت.
[٣] أى: اختبر أحواله من خير وشر وحلو ومر تشبيها بحلب جميع أخلاف الناقة ما كان منها حفلا وغير حفل ودارا وغير دار.
[٤] الكيل: الذى لا يقطع. الشفرة: المدية، كما جا فى بعض الروايات.
[٥] روى ابن جرير هذه الكلمة فى هذا الموضع وجاءت فى المخطوطة بعد «أعقدها» .
[٦] فى النسخة (ك) : «ليكتب» .
[٧] زاد ابن جرير وابن كثير فى أول كلام عمرو بن العاص: أكتب اسمه واسم أبيه» .
[٨] الزيادة من ابن جرير ابن والأثير.