للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقيل لعلىّ: إن الأشتر لا يقرّ بما فى الصحيفة ولا يرى إلّا قتال القوم. فقال علىّ رضى الله عنه: «وأنا والله ما رضيت ولا أحببت أن ترضوا، فإذ أبيتم إلّا أن ترضوا فقد رضيت، وإذ رضيت فلا يصلح الرجوع بعد الرضا ولا التبديل بعد الإقرار، إلّا أن يعصى الله ويتعدّى كتابه، فتقاتلوا من ترك أمر الله. وأمّا الذى ذكرتم من تركه أمرى وما أنا عليه فليس من أولئك، ولست أخافه على ذلك، يا ليت فيكم مثله اثنين، يا ليت فيكم مثله واحدا يرى فى عدوى ما أرى، إذن لخفّت علىّ مؤنتكم، ورجوت أن يستقيم لى بعض أودكم [١] ، وقد نهيتكم فعصيتمونى، فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن [٢] :

وهل أنا إلّا من غزيّة إن غوت ... غويت وإن ترشد غزيّة أرشد

والله لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوّة، وأسقطت منّة، وأورثت وهنا وذلّة، ولما كنتم الأعلين، وخاف عدوّكم الاجتياح، واستحرّ [٣] بهم القتل، ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف فدعوكم إلى ما فيها ليفتنوكم عنهم، ويقطعوا الحرب، ويتربّصوا بكم ريب


[١] الأود: العوج.
[٢] أخو هوازن: دريد بن الصمة معاوية الأصغر بن الحارث بن معاوية الأكبر بن بكر بن علقة بن خزاعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، شاعر فارس جاهلى، أدرك الإسلام فلم يسلم، ويخرج مع قومه هوازن فى يوم حنين مظاهرا للمشركين، وكان شيخا كبيرا فانيا ليس فيه شىء إلا التيمن برأيه ومعرفته للحرب فقتل يومئذ على شركه ...
والبيت من قصيدته الدالية الطويلة التى رئى بها أخاه عبد الله، وهى فى الأغانى ج ١٠ ص ٨- ٩ من طبع دار الكتب المصرية والحماسة بشرح المرزوقى ج ٢ ص ٨١٢- ٨٢١ والأصمعيات ص ١١١- ١١٥ وجمهرة أشعار العرب ص ٢٢٤- ٢٢٧، وسيأتى تمثل ببيت آخر من هذه القصيدة.
[٣] استحر: اشند وكثر.