للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السارق القطع، فليس للعباد أن ينظروا فى هذا» . قال ابن عبّاس:

فإن الله تعالى يقول يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ

[١] فقالوا: وتجعل الحكم فى الصيد والحدث بين المرأة وزوجها كالحكم فى دماء المسلمين؟

وقالوا له: أعدل عندك عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتلنا؟ فإن كان عدلا فلسنا بعدول، وقد حكّمتم فى أمر الله الرجال، وقد أمضى الله حكمه فى معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا، وقد كتبتم بينكم وبينهم كتابا وجعلتم بينكم الموادعة، وقد قطع الله الموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت «برآءة» إلّا من أقرّ بالجزية.

وبعث علىّ رضى الله عنه زياد بن النّضر فقال: انظ بأىّ رءوسهم هم أشد إطافة. فأخبره أنه لم يرهم عند رجل أكثر منهم عند يزيد ابن قيس، فخرج علىّ رضى الله عنه فى الناس حتّى أتى فسطاط يزيد ابن قيس، فدخله، فصلّى فيه ركعتين، وأمّره على أصبهان والرّىّ، ثم خرج حتّى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس، فقال له:

ألم أنهك عن كلامهم؟ ثم تكلم فقال: اللهم هذا مقام من يفلج فيه كان أولى بالفلج [٢] يوم القيامة. [ثم] [٣] : قال لهم: من زعيمكم؟

قالوا: ابن الكواء قال: فما أخرجكم علينا؟ قالوا: حكومتكم يوم صفّين. قال: «أنشدكم الله، أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف، وقلتم: نجيبهم، قلت لكم: إنى أعلم بالقوم منكم، إنهم ليسلوا بأصحاب دين!» وذكر ما كان قال لهم، ثم قال «وقد اشترطت


[١] من الآية ٩٥ فى سورة المائدة.
[٢] الفلج- بفتح الفاء وضمها-: الفوز، وفى الكامل ج ٣ ص ١٦٦: «من يفلح فيه كان أولى بالفلاح» .
[٣] الزيادة من ابن جرير وابن الأثير.