للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

[١] فأراد بسر قتلهم وأتاه أبو بكرة [٢] فقال له: قد أخذت ولد أخى بلا ذنب، وقد صالح الحسن معاوية على ما أصاب أصحاب علىّ رضى الله عنه حيث كانوا، فليس عليهم ولا على أبيهم سبيل، وأجّله أياما حتّى يأتى بكتاب معاوية، فركب أبو بكرة إلى معاوية وهو بالكوفة، فلما أتاه قال له: يا معاوية إن الناس لم يعطوك بيعتهم على قتل الأطفال! قال: وما ذاك يا أبا بكرة؟ قال: بسر يريد قتل بنى أخى زياد، فكتب إليه بتخليتهم، فأخذ كتابه وعاد، فوصل البصرة يوم الميعاد، وقد أخرج بسر أولاد زياد مع طلوع الشمس، ينتظر بهم الغروب ليقتلهم، واجتمع الناس لذلك وهم ينتظرون أبا بكرة؛ إذ رفع على نجيب أو برذون يكدّه [٣] ، فوقف فنزل عنه وألاح بثوبه، وكبّر وكبّر الناس معه، وأقبل يسعى على رجليه، فأدرك بسرا قبل أن يقتلهم، فدفع إليه الكتاب، فأطلقهم.

وكان زياد قد تحصّن بالقلعة التى تسمّى «قلعة زياد» .

وأمّا بسر فلم يطل مقامه بالبصرة، بل عزله معاوية فى بقية سنة إحدى وأربعين، وأراد أن يستعمل عتبة بن أبى سفيان [٤] ، فكلمه ابن عامر وقال له: إن لى بالبصرة ودائع وأموالا، فإن لم تولّنى عليها ذهبت. فولّاه البصرة، فقدمها فى آخر سنة إحدى وأربعين، وجعل إليه خراسان وسجستان، فجعل على شرطته حبيب بن شهاب


[١] آية ٢٢٧ من سورة الشعراء.
[٢] سيأتى فى «ذكر استلحاق معاوية بن أبى سفيان زياد بن أبيه وهو ابن سمية» أن سمية أم زياد ولدت أبا بكرة- واسمه نفيع- عند الحارث بن كلدة الطبيب الثقفى.
[٣] يكده: يستعجله.
[٤] أى: أراد معاوية بن أبى سفيان أن يستعمل أخاه عتبة بن أبى سفيان على البصرة.