للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعود إلى ما حكاه ابن الأثير قال: فلما ولى علىّ رضى الله عنه الخلافة استعمل زيادا على فارس فضبطها وحمى قلاعها، واتصل الخبر بمعاوية فساءه ذلك، فكتب إلى زياد يتهدّده، ويعرض له بولادة أبى سفيان إياه، فلما قرأ زياد كتابه قام فى الناس فقال: «العجب [١] كلّ العجب من ابن آكلة الأكباد [٢] ، ورأس النفاق، يخوّفنى بقصده إيّاى وبينى وبينه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المهاجرين والأنصار.

أما والله لو أذن لى فى لقائه لوجدنى أحمر مخشيا [٣] ضرّابا بالسيف» .

وبلغ ذلك عليا رضى الله عنه فكتب إليه: «إنى قد ولّيتك ما وليتك وأنا أراك له أهلا، وقد كان من أبى سفيان فلتة من أمانى الباطل وكذب النفس، لا توجب له ميراثا ولا تحل لك نسبا، وإن معاوية يأتى الإنسان من بين يديه ومن خلف، وعن يمينه وعن شماله فاحذر ثم احذر، والسلام» ..

فلما قتل علىّ رضى الله عنه وكان من أمر زياد ومصالحة معاوية ما ذكرناه، وضع زياد مصقلة بن هبيرة الشيبانى، وضمن له عشرين ألف درهم؛ ليقول لمعاوية: «إن زيادا قد أكل فارس برا وبحرا، وصالحك على ألفى ألف درهم، والله ما أرى الذى يقال إلّا حقّا» فإذا قال لك يقال: وما يقال؟ فقل: إنه ابن أبى سفيان. ففعل مصقل ذلك.


[١] انظر ما سبق فى «ذكر قدوم زياد بن أبيه على معاوية بن أبى سفيان» .
[٢] آكلة الأكباد: أمه، أكلت كبد حمزة رضى الله عنه حين قتل يوم أحد، والمراد بأكلها أنها لاكنها، انظر نهاية الأرب ج ١٧ ص ١٠٠- ١٠١.
[٣] يخشاه الناس.