للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: العقل والحلم أفضل ما أعطى العبد، فإذا ذكّر ذكر، وإذا أعطى شكر، وإذا ابتلى صبر، وإذا غضب كظم، وإذا قدر غفر، وإذا أساء استغفر، وإذا وعد أنجز..

قال عبد الله [١] بن عمير: أغلظ رجل لمعاوية، فأكثر، فقيل له: أتحلم عن هذا؟ فقال: إنى لا أحول بين الناس وألسنتهم.

ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا.

وروى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا المسور ابن مخرمة أنه وفد على معاوية، قال: فلمّا دخلت عليه سلّمت، فقال: ما فعل طعنك على الأمة يا مسور؟ قلت: دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له، قال: والله لتكلمنى يذات نفسك. قال فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلّا أخبرته به. فقال: «لا أبرأ من الذنوب! أفمالك يا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك؟» قلت: بلى.

قال: «فما جعلك أحقّ بأن ترجو المغفرة منّى؟ فو الله لما أنا [٢] ألى من الإصلاح بين الناس وإقامة الحدود والجهاد فى سبيل الله والأمور العظام التى ليست [٣] أحصيها ولا تحصيها أكثر ممّا تلى. وإنى لعلى دين يتقبّل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيّئات، وو الله لعلى [٤] ذلك ما كنت لأخيرّ بين الله وبين ما سواه إلا اخترت الله على ما سواه.

قال المسور: ففكرّت حين قال ما قال فعرفت أنه خصمنى! قال: فكان


[١] كذا جاء فى المخطوطة مثل الكامل لابن الأثير، وجاء فى رواية الطبرى «عبد الملك بن عمير» .
[٢] فى الاستيعاب ج ٣ ص ٤٠٢: «فو لله لما ألى من الإصلاح» .
[٣] فى الاستيعاب: «لست» .
[٤] ثبتت هذه الكلمة فى النسخة (ك) كما فى الاستيعاب، وسقطت من النسخة (ن) .