للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لهم: والله لقد استربت لكثرة الإرسال، فلا تعجلونى حتّى أبعث إلى الأمير من يأتينى برأيه. فبعث إليه أخاه جعفر بن الزبير فقال له: «رحمك الله، كفّ عن عبد الله فإنك قد أفزعته وذعرته [١] ، وهو يأتيك غدا إن شاء الله تعالى، فمر رسلك فلينصرفوا عنا» فبعث إليهم، فانصرفوا وخرج ابن الزبير من ليلته هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث فسارا نحو مكة [٢] فسرح الوليد الرجال فى طلبه فلم يدركوه، فرجعوا، وتشاغلوا به عن الحسين يومهم.

ثم أرسل الوليد الرجال إلى الحسين [٣] فقال لهم: أصبحوا ثم ترون ونرى. فكفّوا عنه، فسار من ليلته [٤] نحو مكة، وأخذ معه بنيه وإخوته وبنى أخيه وجلّ أهل بيته إلّا محمد بن الحنفية فإنه قال للحسين رضى الله عنهما: «يا أخى أنت أحب الناس إلىّ وأعزّهم علىّ، ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق أحقّ بها منك، تنح ببيعتك [٥] عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت، وابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فإن بايعوك حمدت الله على ذلك، وإن اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك، إنى أخاف أن تأتى مصر وجماعة من الناس فيختلفون عليك، فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك، فيقتتلون، فتكون لأول الأسنّة، فإذا


[١] زاد الطبرى فى روايته: «بكثرة رسلك» .
[٢] وتجنيا الطريق الأعظم مخافة الطلب.
[٣] عند المساء.
[٤] قال الطبرى: «وهى ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ٦٠، وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة، خرج ليلة السبت» .
[٥] كذا جاء فى الأصل مثل الكامل، وجاء فى تاريخ الطبرى: «بتبعتك» .