للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما أجفاك وأفظّك وأقسى قلبك وأغلظك! أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم والخلود فى نار جهنم منى!» قال: فدعا عمارة بن عقبة بماء بارد فصبّ له فى قدح، فأخذ يشرب فامتلأ القدح دما: فعل ذلك ثلاثا، ثم قال: لو كان من الرّزق المقسوم لشربته.

وأدخل على ابن زياد، فلم يسلم عليه بالإمرة، فقال له الحرسى:

ألا تسلّم على الأمير. فقال: إن كان يريد قتلى فما سلامى عليه! وإن كان لا يريده فليكثرنّ تسليمى عليه. فقال ابن زياد: لعمرى لتقتلنّ. قال: فدعنى أوصى إلى بعض قومى. قال: افعل. فقال لعمر بن سعد بن أبى وقّاص: «إن بينى وبينك قرابة، ولى إليك حاجة وهى سر» . فلم يمكنه من ذكرها، فقال له ابن زياد: لا تمتنع من حاجة ابن عمك. فقام معه، فقال: «إن علىّ بالكوفة دينا استدنته [١] أنفقته: سبعمائة درهم، فاقضها عنّى، وانظر جثّتى فاستوهبها فوارها، وابعث إلى الحسين فاردده» . فقال عمر لابن زياد: أتدرى ما سارّنى؟ فقال: أكثرتم على ابن عمك؛ فقال: الأمر أكبر من هذا.

قال: اكتم على ابن عمك: قال الأمر أكبر من هذا، وأخبره بما قال.

فقال ابن زياد لا يخونك الأمين، ولكن قد يؤتمن الخائن. أمّا مالك فهو لك تصنع به ما شئت، وأمّا حسين فإن لم يردنا لم نرده:

وإن أرادنا لم نكفّ عنه، وأمّا جشّته فإنا لا نشفّعك فيها» وقيل:

إنه قال: وأمّا جثته فإذا قتلناه لا نبالى ما صنع بها.

ثم قال: يا ابن عقيل، أتيت الناس وأمرهم جميع وكلمتهم واحدة


[١] فى تاريخ الطبرى ج ٤ ص ٢٨٢: «استدنته منذ قدمت الكوفة» .