للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوصيت، وأخبرتهم بما أريد، وأقبلت حتى دنوت من عذيب الهجانات [١] ، فأتانى نعى الحسين هناك [٢] !.

قال المؤرّخ [٣] : ثم مضى الحسين إلى قصر بنى مقاتل [٤] ، فنزل به. قال عقبة بن سمعان: فلمّا كان آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحيل، ففعلنا، فلمّا سرنا ساعة خفق [٥] الحسين برأسه خفقة فقال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

الحمد لله رب العالمين» يعيدها مرّتين أو ثلاثا، فأقبل عليه ابنه علىّ بن الحسين، فاسترجع وحمد الله وقال: «يا أبت، جعلت فداك، ممّ حمدت الله واسترجعت؟» . قال: «يا بنىّ، إنى خفقت برأسى خفقة، فعنّ لى فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسير بهم. فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا!» قال: يا أبت ألسنا على الحق؟ قال: بلى والّذى إليه مرجع العباد. قال: يا أبت إذن لا نبالى أن نموت محقّين. فقال له: جزاك الله خير ما يجزى ولدا عن والده.

فلما أصبح نزل فصلى الغداة، ثم عجّل الركوب، وسار حتّى انتهى إلى نينوى، والحرّ ومن معه يسايرونه فإذا راكب على نجيب عليه السلاح يمسك قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرونه،


[١] عذيب الهجانات: موضع بطريق الكوفة.
[٢] زاد ابن الأثير: «فرجع إلى أهله» .
[٣] ابن جرير الطبرى فى تاريخة ج ٤ ص ٣٠٧- ٣٠٨، وتبعه ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ٢٨٢.
[٤] فى معجم البلدان لياقوت: «قصر مقاتل: منسوب إلى مقاتل بن حسان بن ثعلبة التميمى» .
[٥] خفق برأسه: حرك رأسه حتى يثبت ذقنة على صدره وهو نائم قاعدا.