للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن نمير. قال: فما مكث الذى رماه إلّا يسيرا، ثم صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى، والماء يبرّد له فيه السّكر، وعساس [١] فيها لبن، وقلال فيها الماء، وإنه ليقول: ويلكم؛ اسقونى، قتلنى الظمأ، فيعطى القلّة أو العسّ فيشربه، فإذا شربه اضطجع هنيهة، ثم قال:

ويلكم، اسقونى قتلنى الظمأ، فيعطى القلّة والعس فيشربه، فما لبث إلا يسيرا حتّى انقدّ بطنه انقداد بطن البعير.

قال: ثم إن شمر بن ذى الجوشن أقبل فى نحو عشرة من رجاله أهل الكوفة قبل منزل الحسين الذى فيه أهله وعياله، فمشى نحوهم فحالوا بينه وبين رحله، فقال: ويلكم؛ إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا فى دنياكم أحرارا ذوى أحساب، امنعوا رحلى وأهلى من طغامكم وجهّالكم. قال شمر: ذلك لك يا ابن فاطمة. وأقدم شمر عليه بالرّجالة منهم أبو الجنوب عبد الرحمن الجعفىّ، وصالح بن وهب اليزنىّ، وسنان بن أنس النّخعىّ، وخولىّ بن يزيد الأصبحى، وجعل شمر يحرّضهم على الحسين، وهو يحمل عليهم فينكشفون عنه، ثم أحاطوا به، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله، فأخذته زينب بنت علىّ لتحبسه، فأبى الغلام، وجاء يشتد حتّى قام إلى جنب الحسين، وقد أهوى بن كعب بن عبيد الله- من بنى تميم الله بن ثعلبة- إلى الحسين بالسيف، فقال له الغلام: يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى؟! فضربه بالسيف فاتّقاه الغلام بيده، فأطنّها [٢] إلى الجلدة [٣] ، فنادى الغلام:


[١] عساس: جمع عس، وهو القدح الضخم.
[٢] أطنها: قطعها.
[٣] فإذا يده معلقة.