للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزيد: ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [١]

ثم سكت عنه، وأمر بإنزاله وإنزال نسائه فى دار على حدة، وكان يزيد لا يتغدّى ولا يتعشّى إلّا دعا عليّا إليه، فدعاه يوما فجاء ومعه عمرو بن الحسن وهو غلام صغير، فقال يزيد لعمرو: أتقاتل هذا؟ يعنى خالدا ابنه، فقال: أعطنى سكّينا وأعطه سكينا حتّى أقاتله. فضمه يزيد إليه وقال شنشنة [٢] أعرفها من أخزم، وهل تلد الحيّة [٣] إلا حييّة؟

وقيل: لمّا وصل رأس الحسين إلى يزيد حسنت حال ابن زياد عنده، ووصله، وسرّه ما فعل، ثم لم يلبث إلّا يسيرا حتّى بلغه بغض الناس له، ولعنهم إياه، وسبّهم، فندم على قتل الحسين، وكان يقول: «وما علىّ لو احتملت الأذى وأنزلت الحسين معى فى دارى وحكّمته فيما يريد، وإن كان علىّ من ذلك وهن فى سلطانى، حفظا لرسول الله ورعاية لحقّه وقرابته، لعن الله ابن مرجانة، فإنه اضطره، وقد سأله أن يضع يده فى يدى، أو يلحق بثغر حتّى يتوفّاه الله، فلم يجبه إلى ذلك، وقتله، فبغضنى بقتله إلى المسلمين،


[١] من الآية ٣٠ فى سورة الشورى.
[٢] هذا مثل يضرب فى قرب الشبه، تمثل به يزيد، وأصله أن رجلا من طىء يسمى «أخزم» كان عاقا لوالده، فلما مات ترك بنين يشبهو له فى العقوق، فوثبوا يوما على جدهم أبى أخزم وضربوه وأدموه، فقال:
إن بنى ضرجونى بالدم ... شنشنة أعرفها من أخزم
والشنشنة: الطبيعة والعادة.
[٣] هذا مثل تمثل به يزيد كسابقه، جاء فى تاج العروس (ح ى ى) «ومن أمثالهم:
لا تلد الحية إلا حيية» وحيية: تصغير حية وكنى الحريرى فى مقاماته عن أبى زيد وابنه ب «الحية والحيية» .