للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دمائكم، وإنى أؤجّلكم ثلاثا، فمن ارعوى وراجع الحقّ قبلنا منه وانصرفت عنكم إلى هذا الملحد الذى بمكة، وإن أبيتم كنّا قد أعذرنا إليكم» .

فلما مضت الثلاث قال مسلم: يا أهل المدينة ما تصنعون؟

أتسالمون أم تحاربون؟ فقالوا: بل نحارب، فقال لهم: «لا تفعلوا، بل ادخلوا فى الطاعة، ونجعل حدّنا وشوكتنا على هذا الملحد الذى قد جمع إليه المرّاق [١] والفسّاق من كل أوب [٢] » يعنى عبد الله بن الزبير، فقالوا له: «يا عدوّ الله، لو أردتم أن تجوزوا إليه ما تركناكم: أنحن ندعكم أن تأتوا بيت الله الحرام فتخيفوا أهل مكة وتلحدوا فيه وتستحلّوا حرمته؟ لا والله لا نفعل!» .

قال: وكان أهل المدينة قد اتّخذوا خندقا، وعليه جمع منهم، عليهم عبد الرحمن بن أزهر بن عوف [وهو ابن عم عبد الرحمن بن عوف] [٣] وكان عبد الله بن مطيع مع ربع قريش فى جانب المدينة، وكان معقل بن سنان الأشجعى، أحد الصحابة على ربع المهاجرين، وكان أمير جماعتهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصارى فى أعظم تلك الأرباع، وهم الأنصار.

وصمد مسلم بن عقبة فيمن معه، فأقبل من ناحية الحرّة، حتّى


[١] المارق الخارج من الدين بضلالة، وجمعه: المراق.
[٢] أوب، جهة.
[٣] ثبتت هذه الزيادة فى النسخة (ن) ، ولم تثبت فى النسخة (ك) ، وقد ذكرها كذلك بعض العلماء، منهم ابن جرير الطبرى فى تاريخه ح ٤ ص ٣٧٤ وابن الأثير فى الكامل ح ٣ ص ٣١٢، والراجع عند الزبير بن بكار وأبى نعيم وابن عبد البر وابن حجر أنه ابن أخى عبد الرحمن بن عوف.