الحمد لله الذى أراحنا من ابن سمّية، أنحن نبايعه؟ لا ولا كرامة.
وحصبهما الناس بعده، فشرّفت هذه المقالة يزيد بن رويم بالكوفة ورفعته، ورجع الرسولان إلى عبيد الله، فقال أهل البصرة: أيخلعه أهل الكوفة ونولّيه نحن؟! فضعف سلطانه عندهم، فكان يأمر بالأمر فلا يقضى ويرى الرأى فيردّ عليه، ويأمر بحبس المخطئ فيحال بين أعوانه وبينه.
ثم جاء البصرة سلمة بن ذؤيب الحنظلى التميمى، فوقف فى السوق وبيده لواء، وقال: أيها الناس، هلمّوا إلىّ، إنى أدعوكم إلى ما لم يدعكم إليه أحد، أدعوكم إلى العائذ بالحرم، يعنى عبد الله بن الزّبير.
فاجتمع إليه ناس، وجعلوا يبايعونه، فبلغ الخبر ابن زياد، فجمع الناس فخطبهم وذكّرهم بما كان من بيعته وقال: إنى بلغنى أنكم مسحتم أكفكم بالحيطان وباب المسجد، وقلتم ما قلتم، وإنى آمر بالأمر فلا ينفذ، ويردّ علىّ رأيى، ويحال بين أعوانى وبين طلبتى، ثم هذا سلمة بن ذؤيب يدعوكم إلى الخلاف عليكم، ليفرق جماعتكم، ويضرب بعضكم رقاب بعض [١] !» .
فقال الأحنف والناس: نحن نأتيك بسلمة، فأتوه، فإذا جمعه قد كثف والفتق قد اتسع، فقعدوا عن ابن زياد فلم يأتوه فلما رأى ذلك أرسل إلى الحارث بن قيس بن صهبان الجهضمى الأزدى، فأحضره وسأله الهرب به، فقال: يا حارث [إن أبى أوصانى إن احتجت إلى الهرب يوما ما أن أختاركم، فقال الحارث][١]