للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلوه طويلا بالليل قيامه، كثيرا فى النهار صيامه، أحقّ بما هم فيه منهم وأولى به فى الدين والفضل! أم الله ما كان يبدّل بالقرآن الغناء، ولا بالبكاء من خشية الله الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام، ولا بالمجالس فى حلق الذكر الركض فى تطلاب الصّيد- يعرض بيزيد فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا

[١] .

فثار إليه أصحابه، وقالوا: أظهر بيعتك، فإنه لم يبق أحد إذ هلك الحسين ينازعك هذا الأمر. وقد كان عبد الله قبل ذلك يبايع سرا، فقال لهم: لا تعجلوا. هذا وعمرو بن سعيد عامل مكة، وهو أشدّ شىء على عبد الله بن الزّبير، وهو مع ذلك يدارى ويرفق.

فلما استقرّ عند يزيد ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطى الله عهدا ليوثقنّه فى سلسلة، فبعث إليه سلسلة من فضّة مع ابن عضادة [٢] الأشعرى ومسعدة وأصحابهما ليأتوه به فيها، وبعث معهم برنس خزّ ليلبسه عليها لئلا تظهر للناس.

فاجتاز أبو عضادة بالمدينة وبها مروان بن الحكم، فأخبره بما قدم له، فأرسل مروان معه ولدين له، أحدهما عبد العزيز، وقال:

إذا بلّغته رسل يزيد الرسالة فتعرّضا له، وليتمثل أحدكما بهذا الشعر:

فخذها فليست للعزيز بخطّة ... وفيها مقال لا مرىء متذلّل

أعامر إن القوم ساموك خطة ... وذلك فى الجيران عزلا بمعزل [٣]

أراك إذا ما كنت للقوم ناصحا ... يقال له بالدلو أدبر وأقبل


[١] من الآية ٥٩ من سورة مريم.
[٢] فى تاريخ الطبرى «عضاه» وفى الكامل «عطاء» .
[٣] فى تاريخ الطبرى ج ٤ ص ٣٦٥: «وذلك فى الجيران غزل بمغزل» .