للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لهم عبد الله وأهل مكة: علام تقاتلون وقد هلك طاغيتكم؟

فلم يصدّقوهم، فلما بلغ الحصين خبر موت يزيد بعث إلى ابن الزبير فقال: موعد ما بيننا الليلة الأبطح، فالتقيا وتحادثا فراث فرس الحصين، فجاء حمام الحرم يلتقط روث فرس الحصين، فكفّ الحصين فرسه عن الحمام، وقال: أخاف أن يقتل فرسى حمام الحرم. فقال له ابن الزبير: تتحرجون من هذا وأنتم تقاتلون المسلمين فى الحرم، فكان فيما قال له الحصين: «أنت أحقّ بهذا الأمر، هلمّ فلنبايعك، ثم اخرج معى إلى الشام، فإن هذا الجند الذين معى هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فو الله لا يختلف عليك اثنان، وتؤمّن الناس، وتهدر الدماء التى كانت بيننا وبينك، وبين أهل الحرة» ، فقال له أنا لا أهدر الدماء، والله لا أرضى أن أقتل بكل رجل منهم عشرة. وأخذ الحصين يكلّمه سرا وهو يجهر ويقول: والله لا أفعل، فقال له الحصين: قبح الله من يعدّك بعد هذا داهيّا أو أريبا، قد كنت أظنّ لك رأيا، وأنا أكلمك سرّا، وتكلّمنى جهرا، وأدعوك إلى الخلافة، وتعدنى القتل والهلكة. ثم فارقه ورحل هو وأصحابه نحو المدينة.

وندم ابن الزّبير على ما صنع، فأرسل إلى الحصين يقول:

أما المسير إلى الشام فلا أفعله، ولكن بايعوا لى هناك، فإنى مؤمّنكم وعادل فيكم، فقال الحصين: إن لم تقدم بنفسك لا يمشى الأمر، فإن هنالك ناسا من بنى أمية يطلبون هذا الأمر. وسار الحصين إلى المدينة فخرج معه بنو أمية إلى الشام.