ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا، أقيموا معنا حتّى نتهيأ فإذا سار عدوّنا إلينا خرجنا إليه بجماعتنا فقاتلناه. وجعل لسليمان وأصحابه خراج جوخى إن أقاموا، وقال إبراهيم مثل ذلك، فقال سليمان قد محضتما النصيحة واجتهدتما فى المشورة فنحن بالله وله، ونسأله العزيمة على الرشد، ولا نرانا إلّا سائرين، فقال عبد الله: فأقيموا حتّى نعبّئ معكم جيشا كثيرا، فتلقوا عدوّكم بجمع كثيف، وكان قد بلغهم إقبال عبيد الله بن زياد من الشام فى الجنود.
فلم يقم سليمان، وسار عشيّة الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين، فتخلّف عنه ناس كثير، فقال ما أحبّ من تخلف منكم معكم ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالا إن الله كره انبعاثهم فثبطهم وخصكم بفضل ذلك.
ثم ساروا فانتهوا إلى قبر الحسين، فصاحوا صيحة واحدة، وبكوا بكاء شديدا، وترحموا عليه، وتابوا عنده من خذلانه وترك القتال معه، وأقاموا عنده يوما وليلة يبكون ويتضرعون.
ثم ساروا وقد ازدادوا حنقا، وأخذوا صوب الأنبار، وساروا حتّى أتوا قرقسيا على تعبئة، وبها زفر بن الحارث الكلابى قد تحصن بها عند فراره من وقعة مرج راهط، على ما نذكره إن شاء الله تعالى فى أخبار مروان بن الحكم.
فبعث إليه سليمان، وعرّفه ما هو وأصحابه عليه من قصد بن زياد، فبعث إليهم بجزور ودقيق وعلف، وخرج إليهم وشيعهم وعرض عليهم أن يقيموا عنده بقرقيسيا، وقال: ابن زياد فى