فقالوا: ننشدك الله ألّا تخالفنا وتفسد علينا رأينا، وما أجمعنا عليه. فقال: إنّما أنا رجل منكم، فإذا شئتم فأخرجوا؛ فوثبوا بالمختار بعد مسير ابن الأشتر، وخرج كلّ رئيس بجبّانة، فأرسل المختار إلى ابن الأشتر يأمره بسرعة العود إليه، وبعث إليهم وهو يلاطفهم ويقول: إنى صانع ما أحببتم، وهو يريد بذلك مداهنتهم حتى يقدم إبراهيم ابن الأشتر، فوصل الرسول إليه وهو بساباط»
، فرجع لوقته، وسار حتى أتى الكوفة ومعه أهل القوّة من أصحابه، واجتمع أهل اليمن بجبانة السّبيع، فلما حضرت الصلاة كره كلّ رأس من أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه، فقال ابن مخنف: هذا أوّل الاختلاف، قدموا الرضىّ منكم سيّد القرّاء رفاعة بن شداد البجلى، فلم يزل يصلّى بهم حتى كانت الوقعة.
ثم نزل المختار فعبّأ أصحابه وأمر ابن الأشتر فسار إلى مضر وعليهم شبث بن ربعى، ومحمد بن عمير، وهم بالكناسة، وسار المختار نحو أهل اليمن بجبّانة السّبيع، فاقتتلوا أشدّ قتال، ثم كانت الغلبة للمختار وأصحابه، وانهزم أهل اليمن وأخذ من دور الوادعيين «٢» خمسمائة أسير، فأتى بهم إلى المختار، فعرضهم، فقتل منهم من شهد مقتل الحسين، فكانوا مائتين وثمانية وأربعين.
ونادى منادى المختار: من أغلق بابه فهو آمن إلّا من شرك فى دماء آل محمد صلّى الله عليه وسلّم، وكان عمر «٣» بن الحجاج الزّبيدى