فقال: أصلح الله الأمير، إنما يصلح رجل يحمل الدّرع والرمح، ويهزّ السيف، ويثبت على الفرس، وأنا لا أطيق شيئا من هذا، وقد ضعف بصرى، ولكن أخرجنى فى الناس مع الأمير فأشير عليه برأيى.
فقال له الحجاج: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله فى أوّل أمرك وآخره.
ثم قال: أيها الناس، سيروا بأجمعكم كافّة؛ فخرج الناس يتجهّزون ولا يدرون من أميرهم.
وكتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره أنّ شبيبا قد شارف المدائن؛ وأنه يريد الكوفة، وقد عجز أهلها عن قتاله فى مواطن كثيرة، يقتل أمراءهم ويهزم جندهم؛ وسأله أن يبعث جندا من الشام يقاتلون الخوارج، ويأكلون البلاد. فبعث عبد الملك سفيان بن الأبرد الكلبى فى أربعة آلاف، وحبيب بن عبد الرحمن الحكمى فى ألفين، وبعث الحجاج إلى عتّاب بن ورقاء يستدعيه، وكان يقاتل الازارفة مع المهلّب كما تقدم.
واستشار الحجاج أهل الكوفة فيمن يوليه أمر الجيش، فقالوا:
رأيك أفضل. فقال: قد بعثت إلى عتّاب بن ورقاء وهو قادم عليكم الليلة أو القابلة؛ فقال زهرة: رميتهم بحجرهم، والله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل. وقال له قبيصة بن والق: إنّ الناس قد تحدثوا أنّ جيشا قد وصل إليك من الشام، وأن أهل الكوفة قد هزموا وهان عليهم الفرار، فقلوبهم كأنها ليست فيهم؛ فإن رأيت أن تبعث