الشام، وطلب منهم ستة آلاف ألف، وعذّبهم؛ فكان يزيد يصبر صبرا حسنا، فكان ذلك مما يغيظ الحجاج، فقيل له: إنه رمى فى ساقه بنشّابة فثبت نصلها فيه فهو لا يمسّها شىء إلّا صاح، فأمر أن يعذّب فى ساقه، فعذب، فصاح، فسمعته أخته هند، وكانت عند الحجاج فصاحت، فطلقها الحجاج، ثم كفّ عنهم وجعل يستأدى «١» منهم المال، فصنع يزيد للحرس طعاما كثيرا وأمر لهم بشراب، فسقوا، واشتغلوا «٢» ، فلبس يزيد ثياب طبّاخه وخرج، وقد جعل له لحية بيضاء، فرآه بعض الحرس، فقال: كأنّ هذه مشية يزيد، فلحقه فرأى لحيته بيضاء، فتركه، وعاد وخرج المفضّل ولم يفطن له، وكذلك عبد الملك، فجاءوا إلى سفن معدّة فركبوها، وساروا ليلتهم.
ولما أصبح الحجاج وعلم بهم الحرس رفعوا أمرهم إليه ففزع، وظن أنهم قصدوا «٣» خراسان لفتنة، فبعث إلى قتيبة يأمره بالجدّ والاحتياط.
ولما دنا يزيد وإخوته من البطائح استقبلتهم خيل قد ضمّرت وأعدّت لهم، فركبوها ومعهم دليل من كلب، فأخذوا على السّماوة إلى الشام، فأتى الحجاج الخبر، فكتب إلى الوليد يعلمه. وسار يزيد حتى قدم فلسطين، فنزل على وهيب بن عبد الرحمن الأزدى، وكان كريما على سليمان بن عبد الملك، فجاء وهيب إلى سليمان فأعلمه بحال يزيد وإخوته، وأنهم قد استعاذوا به من الحجاج. قال: فأتنى