فقال: أرى أن تبعثنى على أربعين دابّة من دوابّ البريد، ثم تبعث إلىّ كل يوم بأربعين [رجلا]«١» ، واكتب إلى أمراء الأجناد أن يوافونى «٢» . ففعل ذلك، وسار الحرشىّ وهو لا يمرّ بمدينة إلّا استنهض «٣» أهلها، فيجيبه من يريد الجهاد.
ولم يزل كذلك حتى وصل إلى مدينة أرزن «٤» ، فلقيه جماعة من أصحاب الجرّاح، فردّهم معه، وسار فبلغ خلاط «٥» ، فحاصرها أياما وفتحها، وقسّم غنائمها فى أصحابه، ثم سار عنها وفتح الحصون والقلاع شيئا بعد شىء حتى أتى بردعة، وكان ابن خاقان يومئذ بأذربيجان يغير وينهب ويسبى ويقتل، وهو يحاصر مدينة ورثان «٦» ، فأرسل الحرشىّ رجلا من أصحابه إلى أهلها يعرّفهم وصوله، ويأمرهم بالصبر، فسار ولقيه بعض الخزر، فأخذوه وسألوه عن الخبر، فأخبرهم وصدقهم، فقالوا له: إن فعلت ما نأمرك به أحسنّا إليك، وأطلقناك، وإلا قتلناك. قال: فما الذى تريدون؟ قالوا «٧» : تقول لأهل ورثان: إنكم ليس لكم مدد، ولا من يكشف ما بكم، وتأمرهم بتسليم البلد إلينا. فأجابهم إلى ذلك.
فلما قارب المدينة وقف بحيث يسمع أهلها كلامه، فقال لهم: