فلا يعطى أصحابه شيئا منها، فيتفرّقون عنه. قالوا: لا، هذه قوّة له، ولم يزالوا به حتى قالوا له: إنّ الكرمانى لو لم يقدر على السلطنة والملك إلا بالنصرانية واليهودية لتنصّر وتهوّد.
وكان نصر والكرمانى متصافيين، وكان الكرمانىّ قد أحسن إلى نصر فى ولاية أسد [بن عبد الله «١» ] القسرى. فلما ولى نصر عزل الكرمانى عن الرياسة وولّاها غيره، فتباعد ما بينهما، فلما أكثروا على نصر فى أمره عزم على حبسه، فأرسل صاحب حرسه ليأتيه [به «٢» ] ، فأرادت الأزد أن تخلّصه من يده، فمنعهم من ذلك، وسار مع صاحب الحرس وهو يضحك.
فلما دخل على نصر قال له: يا كرمانى، ألم يأتنى كتاب يوسف ابن عمر بقتلك فراجعت «٣» وقلت: شيخ خراسان وفارسها، فحقنت دمك؟ قال: بلى. قال: ألم أغرم عنك ما كان لزمك من الغرم، وقسمته فى أعطيات الناس؟ قال: بلى. قال: ألم أرؤّس ابنك عليّا على كره من قومك؟ قال: بلى. قال: فبدّلت ذلك إجماعا على الفتنة.
قال الكرمانى: لم يقل الأمير شيئا إلّا وقد كان أكثر منه، وأنا لذلك شاكر، وقد كان منّى أيام أسد ما قد علمت، ولست أحبّ الفتنة.