أسمع كلاما حسنا، وأراك تدعو إلى حقّ، فانطلق معى، فإنى رجل مطاع فى قومى، فخرج حتى ورد حضرموت، فبايعه أبو حمزة على الخلافة، ودعا إلى خلاف «١» مروان، وقد كان أبو حمزة اجتاز مرّة بمعدن بنى سليم «٢» ، والعامل عليه كثير بن عبد الله، فسمع كلام أبى حمزة فجلده أربعين سوطا، فلما ملك أبو حمزة المدينة على ما نذكره تغيّب كثير.
وفى هذه السنة قدم أبو حمزة إلى الحجّ من قبل عبد الله بن محمد طالب الحقّ، فبينما الناس بعرفة ما شعروا إلّا وقد طلعت عليه أعلام وعمائم سود على رءوس الرماح، وهم سبعمائة، ففزع الناس، وسألوهم عن حالهم، فأخبروهم بخلافهم مروان وآله، فراسلهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وهو يومئذ على مكّة والمدينة، وطلب منهم الهدنة أيام الحج، فقالوا: نحن بحجّنا أضنّ وعليه أشحّ، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض حتى تنفر الناس النفر الأخير، فوقفوا بعرفة على حدة، ودفع [بالناس]«٣» عبد الواحد، ونزل بمنزل السلطان بمنى، ونزل أبو حمزة بقرين الثّعالب. فلما كان النفر الأول نفر عبد الواحد وأخلى مكّة فدخلها أبو حمزة بغير قتال، فقال بعضهم فى عبد الواحد «٤» :