للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون الوزراء إذا سكنت «١» الدهماء، فنحن نافرون من قربك، حريصون على الوفاء لك ما وفيت، حريّون بالسمع والطاعة، غير أنها من بعيد حيث تقارنها السلامة، فإن أرضاك ذلك فأنا كأحسن عبيدك، وإن أبيت إلا أن تعطى نفسك إرادتها نقضت ما أبرمت من عهدك ضنا بنفسى، فلما وصل الكتاب إلى المنصور كتب إليه: قد فهمت كتابك، وليست صفتك صفة أولئك الوزراء الغشيشة ملوكهم، الذين يتمنون اضطراب حبل الدولة لكثرة جرائمهم، وأنت فى طاعتك ومناصحتك واضطلاعك بما حملت من أعباء هذا الأمر ما أنت به، وليس من الشريطة التى أوجبت منك سمع ولا طاعة، وحمّل إليك أمير المؤمنين عيسى بن موسى رسالة، لتسكن إليها إن أصغيت، وأسأل الله أن يحول بين الشيطان ونزغاته وبينك، فإنه لم يجد بابا يفسد به ذات «٢» بينك أوكد عنده وأقرب من الباب الذى فتحه عليك.

وقيل إن مكاتبة أبى مسلم إلى المنصور كانت على خلاف ما قدمناه، وأن المنصور لما سار إلى المدائن أخذ أبو مسلم طريق حلوان، فقال المنصور لعمه عيسى بن على ولمن حضره من بنى هاشم: اكتبوا إلى أبى مسلم، فكتبوا إليه يعظمون أمره ويشكرونه، ويسألونه أن يتمّ ما كان منه وعليه من الطاعة، ويحذّرونه عاقبة البغى، ويأمرونه بالرجوع إلى المنصور، وبعث المنصور الكتب مع أبى حميد المروروذى وقال له: كلّم أبا مسلم بألين ما تكلم به أحدا، ومنّه وأعلمه أنى رافعه وصانع به ما لم أصنع بأحد- إن هو صلح وراجع فله ما أحب «٣» ، فإن أبى فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: لست للعباس وأنا برىء من محمد إن مضيت مشاقا ولم تأتنى، إن «٤» وكلت أمرك