للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بظهور محمد بن عبد الله فقطع البناء وأقام بالكوفة حتى فرغ من حرب محمد وأخيه إبراهيم، ثم عاد إلى بغداد فأتم بناءها، وكان المنصور قد أعد جميع ما تحتاج إليه المدينة، من آلات البناء والخشب والساج وغيره، واستخلف حين شخص إلى الكوفة على إصلاح ما أعدّ سلّم «١» مولاه، فبلغه أن إبراهيم قد هزم عسكر المنصور فأحرق جميع ذلك.

قال: ولما انقضى أمر إبراهيم عاد المنصور إلى بغداد فى صفر سنة ست وأربعين ومائة، واستشار خالد بن برمك فى نقض المدائن وإيوان كسرى، ونقل النقاضة إلى بغداد، فقال: لا أرى ذلك لأنه علم من أعلام الإسلام، فقال له: أبيت إلا الميل إلى أصحابك العجم!! وأمر بنقض القصر الأبيض فنقضت ناحية منه، فلم يوف ما تحصل من النقاضة بما غرم عليه من الكلفة، فاستشار خالد بن برمك فقال: كنت لا أرى ذلك قبل، أما إذ فعلت فأرى أن يهدم لئلا يقال عجزت عن هدم ما بناه غيرك، فأعرض عنه وترك هدمه، ونقل أبواب مدينة واسط فجعلها على بغداد، وبابا جىء به من الشام، وبابا من الكوفة كان عمله خالد القسرى، وجعل المدينة مدورة لئلا يكون بعض الناس أقرب إلى السلطان من بعض، وجعل لها سورين، فالسور الداخل أعلى من الخارج، وبنى قصره فى وسطها، والمسجد الجامع بجانب القصر، وكان اللبن الذى يبنى به ذراع فى ذراع، ووزن بعض اللبن لما نقص فكان مائة رطل وسبعة عشر رطلا، وكانت الأسواق فى المدينة فجاء رسول لملك الروم، فأمر أن يطاف به المدينة، ثم قال له: كيف رأيت؟ فقال: رأيت بناء حسنا إلا أنّ أعداءك معك، وهم السوقة، فأمر المنصور بإخراجهم إلى الكرخ.

قال ابن الأثير: وكان مقدار النفقة على بنائها وبناء المسجد والقصر والأسواق والفصلان والخنادق والأبواب أربعة آلاف ألف وثمانمائة وثلاثة