وإياك أن تبنى المدينة الشرقية فإنك لا تتم بناءها، وأظنك ستفعل! وإياك أن تستعين برجل من بنى سليم، وأظنك ستفعل! وإياك أن تدخل النساء فى أمرك، واظنك ستفعل! وقيل: إنه قال له إنى ولدت فى ذى الحجة، ووليت فى ذى الحجة، وقد هجس فى نفسى أن أموت فى ذى الحجة من هذه السنة، فاتق الله فيما أعهد إليك من أمور المسلمين بعدى، يجعل الله لك فيما كربك وحزبك «١» فرجا ومخرجا، ويرزقك السلامة وحسن العاقبة من حيث لا تحتسب.
يا بنى احفظ محمدا صلّى الله عليه وسلّم فى أمته يحفظ الله عليك أمورك. وإياك والدم الحرام فإنه خوب عند الله عظيم. وعار فى الدنيا لازم مقيم. والزم الحدود فإن فيها صلاحك فى العاجل. ولا تعتد فيها فتبور.
فإن الله تعالى لو علم شيئا أصلح منها لدينه وأزجر عن معاصيه لأمر به فى كتابه. واعلم أن من شدة غضب الله لسلطانه أمر فى كتابه بتضعيف العذاب والعقاب. على من سعى فى الأرض فسادا. مع ما ذخره له عنده من العذاب العظيم، فقال تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
«٢» الأية، فالسلطان- يا بنى- حبل الله المتين وعروته الوثقى ودينه القيم. فاحفظه وحصّنه وذبّ عنه. وأوقع بالملحدين فيه واقمع المارقين منه واقتل الخارجين عنه بالعقاب. ولا تجاوز ما أمر الله به فى محكم القرآن. فاحكم بالعدل ولا تشطط. فإن ذلك اقطع للشغب. وأحسم للعدو. وأنجع فى الدواء. وعفّ عن الفىء فليس بك