بنية! إن الفتى شديد الحجاب، كثير العتاب، قالت: إن الشيخ يبلى شبابى، ويدنّس ثيابى، ويشمت بى أترابى. فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها، فتزوّجها الحارث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابتنى بها، ثم رحل بها إلى قومه فبينا هو ذات يوم جالس بفناء قومه وهى إلى جانبه، إذ أقبل شباب من بنى أسد يعتلجون فتنفست الصّعداء، ثم أرخت عينيها بالبكاء، فقال: ما ببكيك؟ قالت:
مالى وللشيوخ، الناهضين كالفروخ، فقال لها: ثكلتك أمّك! تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها، ثم قال لها: وأبيك، لرب غارة شهدتها، وسبيّة أردفتها، وخمرة شربتها، فالحقى بأهلك فلا حاجة لى فيك، وهذا المثل يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس المكاسب.
وقولهم:«تجشّأ لقمان من غير شبع» : يضرب لمن يدّعى ما ليس يملك.
وقولهم:«تخبر عن مجهوله مرآته» : أى منظره يخبر عن مخبره.
وقولهم:«تشكو إلى غير مصمّت» : أى إلى من لم يهتم بشأنك. قال الشاعر
إنك لا تشكو إلى مصمّت ... فاصبر على الحمل الثقيل أو مت
وقولهم:«تجاوز الرّوض إلى القاع القرق» : يضرب لمن يعدل بحاجته من الكريم إلى اللئيم، والقرق: المستوى.
وقولهم:«تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه» ويروى: لا أن تراه: يضرب لمن خبره خير من مرآه، أوّل من قاله: المنذر بن ماء السماء.