إن شاء الله تعالى. وروى أبو الفرج الأصفهانى «١» أنّ المأمون أعطى عبد الله ابن طاهر مال مصر لسنة خراجها وضياعها، فوهبه كله وفرّقه فى الناس.
ورجع صفرا من ذلك فغاظ المأمون فعله، فدخل إليه يوم مقدمه وأنشد أبياتا قالها فى هذا المعنى يقول منها:
إليك أقبلت من أرض أقمت بها ... حولين بعدك فى شوق وفى ألم
أقفو مساعيك اللاتى خصصت بها ... حذو الشراك على مثل من الأدم
وكان فضلى فيها أننى «٢» تبع ... لما سننت من الإنعام والنعم
ولو وكلت إلى نفسى غنيت بها ... لكن بدأت فلم أعجز ولم ألم
فضحك المأمون وقال: والله ما نفست عليك بمكرمة نلتها، ولا أحدوثة حسن عنك ذكرها، ولكن هذا شىء إذا عوّدته نفسك افتقرت، ولم تقدر على لمّ شعثك وإصلاح حالك؛ وزال ما كان فى نفسه.
قال «٣» : وكان المال الذى فرّقه عبد الله بن طاهر- وهو على المنبر- ثلاثة آلاف ألف دينار، أجاز بها قبل نزوله عن المنبر، قال: معلّى الطائى- وقد بلغه ما صنع عبد الله بن طاهر- فقال: أصلح الله الأمير، أنا معلّى الطائى وقد بلغ منّى ما كان منك إلىّ من جفاء وغلظ، فلا يغلظنّ على قلبك، ولا يستخفنّك الذى بلغك، فأنا الذى أقول:
لو يصبح «٤» النيل يجرى ماؤه ذهبا ... لما أشرت إلى خزن بمثقال
تغلى «٥» بما فيه رقّ الحمد تملكه ... وليس شىء أعاض الحمد بالغالى
فى أبيات أخر، قال: فضحك عبد الله وسرّ بما كان منه، وقال: