ويحيى بن عبد الرحمن العمرى، وشيخا آخر من ولد عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه- كان قاضى الرقة، وأبا نصر التمّار، وأبا معمر القطيعى، ومحمد بن حاتم بن ميمون، ومحمد بن نوح المضروب، وابن الفرّخان، وجماعة منهم النّضر بن شميل، وابن على بن عاصم، وأبو العوّام البزّاز، وابن شجاع، وعبد الرحمن بن إسحاق، فأدخلوا جميعا على إسحاق فقرأ عليهم كتاب المأمون مرتين حتى فهموه، ثم قال لبشر بن الوليد: ما تقول فى القرآن؟ فقال: قد عرف أمير المؤمنين مقالتى غير مرّة، قال: قد تجدّد من كتاب أمير المؤمنين ما ترى، قال: أقول القرآن كلام الله، قال: لم أسألك عن هذا، أمخلوق هو؟ قال: الله خالق كل شىء، قال: والقرآن شىء؟
قال: نعم، قال: فمخلوق هو؟ قال: ليس بخالق، قال: ليس عن هذا سألتك- أمخلوق هو؟ قال: ما أحسن غير ما قلت لك، وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلّم فيه، وليس عندى غير ما قلت لك، فأخذ إسحاق رقعة فقرأها عليه، فقال: أشهد أنّ لا إله إلا الله أحد فرد، لم يكن قبله شىء ولا يشبهه شىء من خلقه، فى معنى من المعانى ووجه من الوجوه، قال للكاتب: اكتب ما قال. ثم قال لعلى بن أبى مقاتل: ما تقول؟ قال: قد سمعت كلامى فى هذا لأمير المؤمنين غير مرّة، وما عندى غيره، فامتحنه بالرقعة فأقرّ بما فيها، ثم قال له: القرآن مخلوق؟ قال:
القرآن كلام الله، قال: لم أسألك عن هذا، قال: القرآن كلام الله، فإن أمرنا أمير المؤمنين بشىء سمعناه وأطعنا، فقال للكاتب اكتب مقالته؛ ثم قال للذيّال نحوا من مقالته لعلى بن أبى مقاتل، فقال مثل ذلك؛ ثم قال لأبى حسّان الزيادى: ما عندك؟ قال: سل عمّا شئت، فقرأ عليه الرقعة فأقرّ بما فيها، قال: ومن لم يقل هذا القول فهو كافر، فقال له: القرآن مخلوق؟ قال: القرآن كلام الله، والله خالق كل شىء، وأمير المؤمنين إمامنا، وبسببه سمعنا عامّة العلم، وقد سمع ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم،