لا أقول مخلوق ولكنّه مجعول، فكتب مقالته ومقالات القوم ووجّهها إلى المأمون، فأجاب المأمون يذمّهم ويذكر كلا منهم ويعيبه ويقع فيه بشىء، وأمره أن يحضر بشر بن الوليد وإبراهيم بن المهدى ويمتحنهما، فإن أجابا وإلا ضرب أعناقهما، وأما من سواهما فمن أجاب إلى القول بخلق القرآن، وإلا حملهم موثقين بالحديد إلى عسكره مع نفر يحفظونهم، فأحضرهم إسحاق وأعلمهم بما أمر المأمون فأجاب القوم كلهم إلا أربعة نفر: منهم أحمد بن حنبل، وسجّادة، والقواريرى، ومحمد بن نوح المضروب، فأمر بهم إسحاق فشدّوا فى الحديد، فلما كان الغد دعاهم فى الحديد وأعاد عليهم المحنة، فأجاب سجّادة والقواريرى، وأصرّ أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما، فشدّوا فى الحديد ووجّههما إلى طرسوس، وكتب إلى المأمون بتأويل القوم فيما أجابوه، فأجابه المأمون أنّه بلغنى عن بشر بن الوليد أنّه تناول الآية التى أنزلها الله عزّ وجل فى عمّار بن ياسر إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «١»
فقد أخطأ التأويل، إنما عنى الله تعالى بهذه الآية من كان معتقدا للإيمان مظهرا للشرك، وأما من كان معتقدا للشرك مظهرا للإيمان فليس هذا له، فأشخصهم جميعهم إلى طرسوس ليقيموا بها إلى أن يخرج أمير المؤمنين من بلاد الروم، فأحضرهم إسحاق وسيرهم جميعا الى العسكر وهم: أبو حسان الزيادى، وبشر بن الوليد، والفضل بن غانم، وعلى ابن أبى مقاتل، والذيّال بن الهيثم، ويحيى بن عبد الرحمن العمرى، وعلى بن الجعد، وأبو العوّام، وسجّادة، والقواريرى، وابن الحسن بن على بن عاصم، وإسحاق بن أبى اسرائيل، والنضر بن شميل: وأبو نصر التمّار، وسعدويه الواسطى، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وأبو معمر بن الهرش، وابن الفرخان، وأحمد بن شجاع، وأبو هارون ابن البكّاء، فلما صاروا إلى الرقة بلغهم موت المأمون فرجعوا إلى بغداد.