للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برزند «١» وعسكر بها وضبط الطرق والحصون فيما بينه وبين أردبيل، ثم سار الأفشين والتقى ببابك واقتتلوا قتالا شديدا، وكانت وقعة عظيمة فى سنة عشرين ومائتين، قتل فيها كثير من أصحاب بابك الذين كانوا معه، وأفلت هو فى نفر يسير، واستمرت الحرب بينه وبين بابك المرة بعد المرة إلى سنة اثنتين وعشرين ومائتين، ففتح الأفشين البذّ- مدينة بابك- وأسر بابك، وخرّب المسلمون المدينة واستباحوها وذلك لعشر بقين من شهر رمضان فى هذه السنة، وكانت حروب يطول شرحها انجلت «٢» عن ظفر المسلمين.

قال: وكان الأفشين قد قصّر فى الحصار، فرأى رجل من أصحابه فى منامه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول له: قل للأفشين- إن أنت حاربت هذا الرجل وجددت فى أمره وإلا أمرت الجبال أن ترجمك بالحجارة، وشاعت هذه الرؤيا فثار المتطوّعة وصمّموا على الحصار، وحاصروا وكانت حروب عظيمة انجلت «٣» عن الفتح فى التاريخ المذكور، وهرب بابك ثم أحضر هو وأخوه عبد الله لعشر خلون من شوال، وكان وصولهما إلى المعتصم بسامرّا فى صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين. ولما وصل إلى سامرّا أمر المعتصم أن يركب فيلا والناس ينظرونه، وأدخل دار المعتصم فأمر بإحضار سيّاف بابك، وأمره أن يقطع يديه ورجليه فقطعهما فسقط.

ثم أمر به فذبح وشقّ بطنه، وأنفذ رأسه إلى خراسان وصلب بدنه بسامرّا.

وأمر بحملّ أخيه عبد الله إلى بغداد، وأن يفعل به كما فعل ببابك، ففعل به ذلك وصلب فى الجانب الشرقى بين الجسرين. وكان من قتله بابك فى عشرين سنة مائتى ألف وخمسة وخمسين ألفا وخمسمائة إنسان؛ هذا ما كان أمره على سبيل الاختصار.