قويت شوكتهم واغتصبوا أموال الناس، وأوقعوا بقوم «١» من كنانة وباهلة وقتلوا بعضهم فى جمادى الآخرة من هذه السنة، فوجّه إليهم محمد بن صالح- عامل المدينة- حماد بن جرير الطبرى فى جيش فقاتلوه، واشتد القتال فقتل حمّاد وعامّة أصحابه، وأخذ بنو سليم الكراع والسلاح والثياب، فزاد طمعهم ونهبوا القرى والمناهل ما بين مكة والمدينة، فوجه إليهم الواثق بغا الكبير فى جمع من الجند، فقدم المدينة فى شعبان فلقيهم ببعض مياه الحرّة- من وراء السّوارقيّة وهى قريتهم، التى يأوون إليها وبها حصون، فقتل بغا منهم نحوا من خمسين رجلا، وأسر مثلهم وانهزم الباقون، وأقام بغا بالسوارقيّة ودعاهم إلى الأمان على حكم الواثق، فأتوه متفرقين فنزل عنده من يعرف منهم بالفساد وهم زهاء ألف رجل، وخلّى سبيل الباقين وعاد بالأسرى إلى المدينة فى ذى القعدة، فحبسهم بها ثم سار إلى مكة، فلما قضى حجه سار إلى ذات عرق، وعرض على بنى هلال مثل الذى عرض على بنى سليم فقبلوه، فأخذ من مفسديهم نحو ثلاثمائة رجل إلى المدينة فحبسهم، ثم سار إلى بنى مرّة فنقب الأعراب السجن ليخرجوا، فرأت امرأة النقب فصاحت يا أهل المدينة! فجاءوا فوجدوهم قد قتلوا الموكلين وأخذوا سلاحهم، فاجتمع أهل المدينة وقاتلوهم، فقتل سودان المدينة كل من وجدوه منهم، وكان مقتلهم فى سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
وفيها- أعنى سنة ثلاثين ومائتين- مات عبد الله بن طاهر بنيسابور، وهو أمير خراسان والسواد والرى وطبرستان وكرمان وما يتصل بها، وكان خراج هذه الأعمال يوم وفاته ثمانية وأربعين ألف ألف درهم، فاستعمل الواثق على أعماله كلها ولده طاهر بن عبد الله بن طاهر. مات أشناس التركى بعد موت ابن طاهر بسبعة أيام