مجلسا عامّا فيه أحمد بن أبى دؤاد، فلما حضر أحمد بن نصر عند الواثق لم يذكر له شيئا من فعله والخروج عليه، بل قال له: ما تقول فى القرآن؟
قال: كلام الله، قال: أمخلوق هو؟ قال: كلام الله، قال: فما تقول فى ربك- أتراه يوم القيامة؟ قال: يا أمير المؤمنين- جاءت الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال (ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر- لا تضامون فى رؤيته) ، وحدثنى سفيان بحديث رفعه (أنّ قلب ابن آدم [المؤمن «١» ] بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلّبه) ، وكان النبى صلّى الله عليه وسلّم يدعو: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبى على دينك، فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون فيه؟! فقال عبد الرحمن بن إسحاق: هو حلال الدم، وقال بعض أصحاب ابن أبى دؤاد: اسقنى دمه، وقال ابن أبى دؤاد: هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل، وكان كارها لقتله، فقال الواثق: إذا رأيتمونى قد قمت إليه فلا يقومنّ أحد، فإنى احتسب خطاى إليه، ودعا بالصّمصامة ومشى إليه وهو فى وسط الدار على نطع، فضربه على حبل عاتقه ثم ضربه على رأسه، ثم ضرب سيما الدمشقى عنقه وطعنه الواثق بطرف الصمصامة فى بطنه، وصلب عند بابك وحمل رأسه إلى بغداد فنصب بها، وكتب فى أذنه رقعة: هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر، وتتبع أصحابه فجعلوا فى الحبوس هذا ما حكاه ابن الأثير فى تاريخه الكامل.
وقد حكى الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت «٢» خبر مقتله، فذكر ما تقدّم وذكر زيادات أخرى بأسانيد رفعها، قد رأينا أن نثبت منها طرفا، فقال بسند رفعه إلى محمد بن يحيى الصولى: إنّه لما حمل أحمد بن