الأمر إلى المتوكل كان معه على أكثر من ذلك، وجعل إليه الجيش والمغاربة والأتراك والأموال والبريد والحجابة ودار الخلافة، فلما تمكّن المتوكل من الخلافة شرب ليلة، وعربد على إيتاخ فهمّ بقتله، فلما أصبح المتوكل قيل له فاعتذر إليه، وقال: أنت ربّيتنى وأنت بمنزلة الوالد وما يناسب ذلك، ثم وضع عليه من يحسّن له الحج، فاستأذن فيه المتوكل فأذن له، وصيّره أمير كل بلد يدخله وخلع عليه وسار العسكر جميعه بين يديه، فلما فارق جعلت الحجابة إلى وصيف الخادم فى ذى القعدة «١» . قال: فلمّا عاد إيتاخ من مكة كتب المتوكل إلى إسحاق بن إبراهيم ببغداد يأمره بحبسه، فلما قرب إيتاخ من بغداد خرج إسحاق بن إبراهيم إلى لقائه، وكان إيتاخ أراد المسير على الأنبار إلى سامرّا، فكتب إليه إسحاق: إنّ أمير المؤمنين قد أمر أن تدخل بغداد، وأن يلقاك بنو هاشم ووجوه الناس، وأن تقعد لهم فى دار خزيمة بن خازم وتأمر لهم بالجوائز، فجاء إلى بغداد فلما لقيه إسحاق أراد النزول له، فحلف إيتاخ عليه ألا يفعل- وكان فى ثلاثمائة من غلمانه، فلما حصل بباب دار خزيمة وقف إسحاق، وقال له: يدخل الأمير أصلحه الله، فدخل إيتاخ ومنع إسحاق أصحاب إيتاخ من الدخول، ووكل بالأبواب وأقام عليها الحرس، فحين رأى إيتاخ ذلك قال: قد فعلوها!! ولو لم يفعلوا ذلك ببغداد ما قدروا عليه، وأخذوا معه ولديه منصورا ومظفرا وكاتبه سليمان بن وهب وقدامة بن زياد فحبسوا، وقيّد إيتاخ وجعل فى عنقه ثمانون رطلا، فمات فى جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأشهد إسحاق جماعة من الأعيان أنه لا ضرب به ولا أثر، قيل إنهم أطعموه ومنعوه الماء فمات عطشا.
وحجّ بالناس محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس.