يبقى بعد ذلك شىء طريف لا مندوحة عن ذكره، هو أن القارئ يجد لأحد رجال دار الكتب تعليقا ظهر الغلاف يقول:«بداية هذا الجزء توافق بداية الجزء الواحد والعشرين من تجزئة المؤلف وينتهى بنهايته، وما كتب على صفحة عنوانه تدليس» وأما ما كتب فهو «الجزء الثانى من كتاب نهاية الأرب فى فنون الأدب» بخط يخالف خطّ المتن، ثم نرى ضربا بالحبر على كلام فى السياق يخفى شيئا أراد أحدهم ألا يصلنا. والظاهر أن هذه النسخة امتحنت مرتين، إحداهما حين نزع غلافها الأصلى وأضيف لها غلاف جديد، والأخرى حين طمس آثم جانبا أراد طمسه، واستتبع هذا إخفاء بعض سياق الخاتمة بالريشة نفسها، وهكذا يعبث بالتراث! وأخيرا، فكم كنا نحبّ ألا نختم هذه المقدمة الآن.. كنا نحب ألا نختمها حتى نستوفى الكلام على صنيع النويرى من تصنيف ورواية عمن سبقه فى حقل التاريخ كابن الأثير وابن الجوزى وابن الرفيق وابن شدّاد، بل على صنيعه إزاء بعض الحوادث دون بعض، ومروره على موقف مرّ المتعجل وتلبّثه على آخر تلبّث المتأنى..
ونستخرج خصائص تأليفه وسمات أسلوبه ونكشف عن شخصيته التى تركها على نقوله من غيره، بيد أننا رأينا أن هذا- فضلا عن أنه يحتاج إلى تفصيل كبير يحيد بهذا الجزء عن الطريق الذى رسم لإخوته.
من أجل ذلك طرحنا كل شىء وفى النفس أن نعود إلى المؤلّف فى مكان آخر وبدراسة أوفى.. نبين فيها ما نريد،