وما زال حتى ردّ مؤنسا عن رأيه، وذكر له أبا منصور محمد فأجابه مؤنس إلى ذلك. وكان النوبختى فى ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه! فإنّ القاهر قتله كما نذكر إن شاء الله تعالى، فأمر مؤنس بإحضاره فبايعوه بالخلافة، ولقّبوه القاهر بالله. وكان مؤنس كارها لخلافته والبيعة له ويقول: أنا عارف بشرّه وسوء نيته ولكن لا حيلة! قال: «١» ولما بويع استحلفه مؤنس لنفسه ولحاجبه علىّ بن يلبق، وأخذ خطّه بذلك.
ولما استقرّت الخلافة له وبايعه النّاس استوزر أبا علىّ بن مقلة وكان بفارس فاستقدمه، واستحجب علىّ بن يلبق. وشرع القاهر فى البحث عمن استتر من أولاد أخيه المقتدر وحرمه، وأحضر والدته «٢» - وكانت مريضة بالاستسقاء- وسألها عن المال/ فاعترفت له بما عندها من المصوغ والثياب ولم تعترف بشىء من المال والجوهر، فضربها أشدّ ما يكون من الضرب وعلّقها برجلها وضرب المواضع المستورة من بدنها فحلفت أنها لا تملك غير ما أطلعته عليه وقالت: لو كان عندى مال لما سلّمت ولدى للقتل! ولم تعترف بشىء وصادر جميع حاشية المقتدر بالله وأصحابه، وأخرج والدته لتشهد على نفسها القضاة والعدول بأنها قد حلّت أوقافها ووكّلت فى بيعها، فامتنعت من ذلك وقالت: قد أوقفتها على أبواب البرّ والقربات