الضرورة إلى أن راسل أبا بكر محمد بن رائق وهو بواسط يعرض عليه إجابته إلى ما كان بذله من القيام بالنفقات وأرزاق الجند ببغداد. فلما أتاه الرسول فرح بذلك وشرع يتجهز للمسير إلى بغداد، فأنفذ إليه الراضى بالله الساجية وقلّده إمارة الجيش وجعله أمير الأمراء وولّاه الخراج والمعاون فى جميع البلاد والدواوين.
وأمر أن يخطب له على جميع المنابر، وأنفذ إليه الخلع وانحدر إليه أصحاب الدواوين/ والكتّاب والحجّاب وتأخر الحجرية. فلما استقر الذين نزلوا إلى واسط بها قبض على الساجية فى ذى الحجة ونهب أموالهم ودوابّهم، وأظهر أنه إنما فعل ذلك لتتوفّر أرزاقهم على الحجرية، فاستوحش الحجرية من ذلك وقالوا: اليوم لهؤلاء وغد لنا وخيّموا بدار الخلافة. وصعد ابن رائق إلى بغداد ومعه بجكم، فخلع الخليفة عليه فى أواخر ذى الحجة، وأتاه الحجرية يسلّمون عليه فأمرهم بقلع خيامهم فقلعوها وعادوا إلى منازلهم.
وبطلت الدواوين من ذلك الوقت، فلم يكن الوزير ينظر فى شىء من الأمور، إنما كان ابن رائق وكاتبه ينظران فى الأمور جميعها «١» ، وكذلك كل من تولّى إمرة الأمراء بعده، وصارت الأموال تحمل إلى خزائنهم فيتصرفون فيها كما يريدون، وبطلت بيوت الأموال. وتغلب أصحاب الأطراف وخلعوا الطاعة، ولم يبق بيد الخليفة غير بغداد وأعمالها، والحكم فى جميعها لابن رائق ليس