وفيها انقطع الغيث بالعراق فاستسقى الناس فى شهر ربيع الأول فسقوا مطرا قليلا لم يجر منه ميزاب، فاشتد الغلاء والوباء وكثر الموت حتى دفن الجماعة فى القبر الواحد من غير غسل ولا صلاة عليهم، ورخص العقار والأثاث ببغداد حتى بيع ما ثمنه دينار بدرهم، وانقضى تشرين الأول وتشرين الثانى وكانون الأول وكانون الثانى وشباط الأول ولم يمطر الناس غير المطرة التى كانت عند الاستسقاء، ثم جاء المطر فى آذر ونيسان.
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى فى سبب هذا المطر بسند رفعه إلى أبى محمد الصّليحى «١» الكاتب أنه قال: لما نادى المتقى فى زمن خلافته فى الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته: إنّ امرأة صالحة رأت النبىّ صلى الله عليه وسلم فى منامها فشكت/ احتباس المطر فقال لها: «قولى للناس يخرجون فى يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون ويدعون فإنه يسقيهم فى يومهم» وإن أمير المؤمنين يأمركم كما أمركم رسول الله صلى الله وسلم عليه، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نيّاتكم وإقلاع عن ذنوبكم- قال- فأخبرنى الجمّ الغفير «٢» أنهم لما سمعوا النداء ضجّت الأسواق بالبكاء والدعاء، فشق ذلك علىّ وقلت: «منام امرأة لا ندرى ما تأويله، هل يصحّ أم لا، ينادى به فى الأسواق فى مدينة السلام، فإن لم يسقوا كيف يكون