وطاردوا عسكره وعادوا، ونزل السلطان على بغداد وحصرها نيّفا وخمسين يوما، فلم يظفر منها بشىء. ثم عاد إلى النهروان عازما على العود إلى همذان فوصل إليه طرنطاى صاحب واسط ومعه سفن كثيرة، فعاد إلى بغداد وعبر إلى غربى دجلة واختلفت كلمة العسكر البغدادى فعاد الملك داود إلى بلاده فى ذى القعدة وتفرق الأمراء.
وكان زنكى بالجانب الغربى فعبر إلى الخليفة وسار إلى الموصل.
ودخل/ السلطان بغداد واستقر بها، وذلك فى نصف ذى القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة.
قال «١» وأمر السلطان فجمع القضاة والشهود والفقهاء وعرض عليهم اليمين التى حلف بها الراشد وفيها بخط يده «إننى متى جندت أو خرجت أو لقيت أحدا من أصحاب السلطان بالسّيف فقد خلعت نفسى من الأمر» فافتوا بخروجه من الخلافة، وقيل إن الوزير شرف الدين على بن طراد الزينبى وكاتب الإنشاء ابن الأنبارى وصاحب المخزن كمال الدين طلحة كانوا منذ أسرهم مع المسترشد، فحضروا الآن معه، واجتمعوا فى يوم الإثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من ذى القعدة سنة ثلاثين، وكتبوا محضرا شهد فيه جماعة من العدول بما صدر من الراشد من الظّلم وأخذ الأموال بغير حقها وسفك الدماء وشرب الخمور وارتكاب المحارم، واستفتوا الفقهاء فيمن فعل ذلك هل تصحّ معه إمامة أم لا؟ وهل يجوز للسلطان أن يخلعه