وفى سنة ستين وخمسمائة فى صفر قبض المستنجد بالله على الأمير ثوبة بن العقيلى وكان قد قرب منه قربا عظيما حتى كان يخلو معه، وأحبّه محبة عظيمة، فحسده الوزير ابن هبيرة، فوضع كتبا من العجم مع قوم وأمرهم أن يتعرضوا ليؤخذوا ففعلوا ذلك، وأخذوا وأحضروا عند الخليفة.
وأظهروا الكتب بعد الامتناع الشديد فلما وقف الخليفة عليها خرج إلى نهر الملك يتصيّد وكانت حلل ثوبة على الفرات، فحضر عنده فأمر بالقبض عليه، فقبض عليه وأدخل بغداد ليلا وحبس فكان آخر العهد به فما تمتع الوزير بعده بالحياة، ومات بعد ثلاثة أشهر وكان ثوبة من أكمل العرب مروءة وسخاء وعقلا وإجادة، واجتمع فيه من خلال الكمال ما تفرق فى غيره.
وفيها فى جمادى الأولى توفى الوزير عون الدين يحيى بن محمد ابن هبيرة ومولده سنة/ تسعين وأربعمائة ودفن بمدرسته التى هو بناها للحنابلة بباب البصرة، ولما مات قبض على أولاده وأهله! وفى سنة ثلاث وستين وخمسمائة استوزر الخليفة المستنجد بالله شرف الدين أبا جعفر أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن البلدى.
وكان ناظرا بواسط، وظهر عن كفاءة عظيمة، فأحضره الخليفة واستوزره وكان عضد الدين أستاذ الدار قد تحكّم تحكّما عظيما، فتقدّم أمر الخليفة إلى وزيره بكفّ يده وأيدى أصحابه ففعل ذلك، ووكل بأخيه تاج الدين وطالبه بحساب نهر الملك وكان يتولاه أيام