الزبيدى مختصر كتاب العين «١» . وكان منذر بن سعيد البلوطى قاضية وقاضى أبيه، فلما توفى ولى القضاء ابن بشير الفقيه، فاشترط على المستنصر نفوذ الحكم فيه فمن دونة.
فكان من أخباره أن امرأة منقطعة كان لها أريضة تجاور بعض قصور الأمير، فاحتاج إليها ليبنى فيها شيئا مما أراد بناءه، فساومها الوكيل فى البيع/ فامتنعت، فأخذها الوكيل قهرا وبنى فيها منظرة بديعة وأنفق عليها جملة وافرة. فوقفت المرأة لابن بشير القاضى وقصّت عليه قصتها، فركب حماره وجعل عليه خرجا كبيرا لا يطيق حمله إلا جماعة من الرجال. وقصد الزهراء والمستنصر فى تلك المنظرة، فدخل عليه فقال: ما جاء بالقاضى فى هذا الوقت؟
فقال: أريد ملء هذا الخرج من تراب هذا الموضع! فتعجّب منه الحكم وأمر فملىء الخرج ثم خلا القاضى به فقال: أدل عليك إدلال العلماء على الملوك الحلماء أن لا ينقل هذا الخرج على الحمار إلا أنا وأنت! فضحك الحكم وقال: فكيف نطيق ذلك أيها القاضى؟ فبكى ابن بشير وقال: فكيف نطيق أن نطوق هذا المكان أجمعه من سبع أرضين فى حلقى وحلقك يوم القيامة وأنا شريكك فى الإثم إن رضيت هذا الحكم؟ وقصّ عليه القصة،