للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على السكة والطرر، والمنصور على أتمّ ما يكون من الحزم وسدّ الثغور وإقامة العدل وشمول الناس بالإحسان والفضل. فلم ير فى الضبط وحسن السياسة وأمن السبيل وتوفية حقوق الرياسة بجزيرة الأندلس كأيامه! ودامت له هذه الحال بضعا وعشرين سنة إلى أن توفى، وكانت وفاته فى أقصى الثغور/ بمدينة سالم «١» فى سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة فى طريق الغزو.

قال «٢» : وكان رحمه الله تعالى له مجلس فى الأسبوع يجتمع فيه أهل العلم للكلام بحضرته مدة بقائه بقرطبة، قال وختن أولاده فختن معهم من أولاد أهل دولته خمسمائه صبى ومن أولاد الضعفاء ما لم تحص عدتهم، وأنفق فيه خمسمائة ألف دينار.

وكان ذا همة عالية فى الجهاد، مواصلا لغزو الروم «٣» ، وربما خرج لصلاة العيد فيقع له فيه الجهاد، فلا يرجع إلى قصده ويركب من فوره بعد انصرافه من الصلاة، فلا يصل إلى أوائل الدروب إلا وقد لحقه كل من أراد من العساكر. وغزا ستا وخمسين غزاة ذكرت فى المآثر العامرية بأوقاتها، وفتح فتوحا كثيرة، ووصل إلى معاقل جمّة امتنعت على من كان قبله. وملأ الأندلس بالغنائم والسبى.