أترانى إنما قمت فى هذا الأمر لأقتل أهل بيتى، وإنما قمت غضبا له ولنفسى وبنى عمى، فإن خلع نفسه طائعا قبلت ذلك، وليس له عندى إلا ما يحبّ.
وأرسل محمد إلى الفقهاء ووجوه الناس فأحضرهم، وكتب كتاب الخلع والبيعة لمحمد، وبات تلك الليلة فى القصر وأهل بالس وهى الزهراء لم يتحرك/ منهم أحد، وكانوا جمعا كبيرا منهم أبو عمرو بن حزم وعبد الله بن سلمة وابن أبى عبيدة وابن جهور، وجماعة من الفقهاء والوزراء والصقالبة- وهم الخصيان- ونفر من الجند والخزان والكتاب.
وأصبح محمد فجعل حجابتة إلى ابن عمه محمد بن المعيرة، وجعل على المدينة ابن عمّه أمّيّة بن إسحاق. وأمرهما بإثبات كل من جاءهما فى الديوان، فلم يبق أحد حتى أثبت نفسه حتى الزهاد والعباد وأئمة المساجد وغيرهم وقبضوا العطاء، وكذلك التجار الأغنياء. واتّبعه سائر أهل البوادى والأطراف، وأرسل حاجبه محمد بن المغيرة فى خلق من العامة لمحاربة أهل بالس فردّوه أقبح ردّ وهزموه إلى داخل قرطبة. ثم كثر العامة فهزموهم إلى بالس، ودخلها الحاجب ونهبت، فسأل الوزراء والصقالبة الأمان فأمّنهم محمد، فساروا إليه فوبخهم ثم عفا عنهم ورد ابن الشرس مع الحاجب لنقل ما ببالس من الأموال والأمتعه والأثاث وقد نهب منه ما لا يحصى، ونهبت ليلة الأربعاء دور كثيرة للعامرية، ونهب ما جاوز بالس من دور الوزراء، وانتهب ما فى الزاهرة حتى قلعت الأبواب والأخشاب، والحاجب مع ذلك ينقل.