شنشول، وسار بها إلى القصر بقرطبة. فأمر محمد بشقّ بطنه ونزع ما فيه وحشى بعقاقير تحفظه، ثم نصب رأسه على قناة ووقف به على باب السدة ثم ركّب على جسده، وكسى قميصا وسراويل، وأخرج فسمّر على خشبة على باب السدة. وأمر الرّسّان صاحب شرطه شنشول أن ينادى: هذا شنشول المأمون! ثم يلعنه ويلعن نفسه، وذلك فى يوم السبت لأربع خلون من شهر رجب.
وكانت مدة ولاية شنشول أربعة أشهر وأياما، وكان قبيح الفعال كثير التخليط متجاهرا بالفسق، شهد عليه بأشياء لا تصدر عن مسلم، منها أنه سمع المؤذن يقول «حىّ على الصلاة» فقال:
لو قال حىّ على الكبير لكان خيرا له! وكثير من هذا القول وما يناسبه، وانقرضت الدولة العامرية بمقتل شنشول.
قال إبراهيم بن الرقيق «١» : ومن أعجب ما رأيناه أنه كان من نصف نهار يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقيت من جمادى الآخرة إلى نصف نهار الأربعاء الذى يليه، فتحت مدينة قرطبة وهدمت مدينة الزاهرة، وخلع خليفة وهو هشام بن الحكم، وولى خليفة وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، وزالت دولة/ بنى عامر، وحدثت دولة بنى أمية، وقتل وزير وهو ابن عسفلاجة، وأقيمت جيوش من العامة، ونكب خلق من الوزراء، وولى الوزارة آخرون، وكان ذلك على أيدى عشرة رجال حجّامين وجزارين وحاكة وزبالين، وهم جند ابن عبد الجبار!