فدخلوه عنوة، وعرضوا أنفسهم على واضح العامرىّ غلام المنصور ابن أبى عامر صاحب مدينة سالم، فلم يقبلهم، وبعث إليه محمد ابن هشام المهدى قيصر الفتى فى جيش ليعينه على سليمان، فالتقوا واقتتلوا، فانهزم واضح وقتل قيصر. ولحق واضح بمدينة سالم فتحصن بها، ومنع الميرة عن البربر، فأقاموا خمسة عشر يوما يأكلون الحشيش. فلما اشتد ذلك عليهم أرسلوا إلى ابن مادويه الرومى «١» واستنجد به، وسأله سليمان أن يدخل بينهم وبين ابن عبد الجبار وواضح فى الصلح وقال: يخرج معنا إلى واضح ويرغب إليه فى الإصلاح بيننا وبينه وبين صاحبه، فإن أبى ذلك سرنا إلى قرطبة وناجزنا ابن عبد الجبار! فسارت الرسل إليه فوجدوا رسل ابن عبد الجبار وواضح عنده يسألونه الصلح معهما على أن يعطياه ما اشترط من مدائن الثّغر،/ وأتوه بخيل وبغال ومال وكساء وجوهر وطيب وتحف كثيرة. فأجاب البربر إلى ما أرادوه من الصلح أو الاتفاق معهم على أن يعطوه ما بذل واضح والمهدىّ من مدائن الثغور إذا ظفروا.
فقبلوا ذلك منه، وردّ رسل واضح وابن عبد الجبار، ثم أرسل إلى البربر ألف عجلة تحمل الدقيق والشعير وأنواع المأكل وألف ثور وخمسة آلاف شاة وجميع ما يصلحهم من الملبس وغير ذلك.
فقويت البربر بذلك، وسار إليهم فى جموعه وساروا إلى مدينة سالم، وأرسلوا واضحا فى الصلح فأبى، فساروا إلى قرطبة فى المحرم