فلما وصل ذلك إليه أقبل إلى إفريقية فى عسكر عظيم، وذلك فى سنة تسع وستين «١» . فبلغ خبره كسيلة فجمع البربر «٢» وتحول عن القيروان إلى ممش «٣» . وجاء زهير فأقام بظاهر القيروان «٤» ثلاثة أيام حتى استراح وأراح. ثم رحل إلى كسيلة. والتقيا واشتد القتال وكثر القتل فى الفريقين. فأجلت الحرب عن قتل كسيلة وجماعة من أصحابه. وانهزم من بقى منهم. فتبعهم الجيش فقتلوا من أدركوه.
وعاد زهير إلى القيروان. فرأى ملك إفريقية ملكا عظيما، فقال:«إنما أحببت الجهاد، وأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك» . وكان عابدا زاهدا. فترك بالقيروان عسكرا ورحل فى جمع كبير «٥» يريد المشرق. وكان قد بلغ الروم بالقسطنطينية مسيره من برقة إلى إفريقية وخلوها، فخرجوا إليها فى مراكب كثيرة من جزيرة صقلية «٦» .
فأغاروا على برقة وقتلوا ونهبوا. ووافق ذلك قدوم زهير من إفريقية فقاتلهم بمن معه أشدّ قتال. وترجل هو ومن معه وقاتلوا فعظم الخطب.
وتكاثر الروم عليهم فقتل زهير وأصحابه، ولم ينج منهم أحد «٧» .